صوّت البرلمان التونسي ليل الثلاثاء-الأربعاء ضدّ مذكّرة، تطالب فرنسا بتقديم اعتذار رسمي من تونس عن مرحلة الاستعمار وما بعدها، تقدّم بها حزب ائتلاف الكرامة وأثارت جدلاً حاداً بين النوّاب.
وفي ختام مناقشات استمرّت أكثر من 15 ساعة وقلّما تناولت صلب الموضوع، صوّت 77 نائباً لمصلحة المذكّرة في حين صوّت ضدّها خمسة نواب، في حين كان يتطلّب إقرارها 109 أصوات على الأقل.
وقدّمت كتلة ائتلاف الكرامة (19 نائبا من أصل 217) رابع الكتل البرلمانية، اللائحة، مطالبة فيها بإصدار اعتذار رسمي وعلني من الدولة الفرنسية للشعب التونسي، عن كل الجرائم التي ارتكبتها في حقّه منذ العام 1881، قائلة إن هذا الاعتذار من شأنه ان يطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخ الدولتين.
بين مؤيد ورافض للطلب
وحدّد الائتلاف هذه الجرائم في نصّ اللائحة بالقتل والاغتيال والتعذيب والاغتصاب، والتهجير القسري ونهب الثروات الطبيعية. كما طالب الحزب الذي يُعتبر قريباً من حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية، بتعويض المتضرّرين ووضع كامل أرشيف تلك الحقبة على ذمّة الباحثين التونسيين.
ومطلب الاعتذار من فرنسا كان بين النقاط الأساسية في برنامج ائتلاف الكرامة الانتخابي، الذي شارك به في انتخابات تشرين الأول/أكتوبر الفائت. وعند انطلاق الجلسة البرلمانية صباح الثلاثاء اختلف النواب بين مؤيّد للطلب ورافض له.
واعتبرت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحرّ المناهض للاسلاميين، في مداخلة ان الطلبات الموجهة في صلب هذه اللائحة مباشرة من البرلمان التونسي الى الدولة الفرنسية مخالفة للقانون، لأن هناك الأعراف والبروتوكولات الدبلوماسية، معتبرة أن رئيس الجمهورية هو المكلّف برسم السياسيات الخارجية وفقاً للدستور، وأضافت القول إنها ليست لائحة لردّ الاعتبار لتونس، بل هي لائحة لتصفية الحسابات السياسية.
"استثمار تكتيكي"
في المقابل ساند الطلب النائب الذي يقدم نفسه مستقلا، وتم انتخابه سابقا عن ائتلاف الكرامة رضاء الجوادي، وقال إن ما فعلته فرنسا بتونس هو احتلال، وأضاف القول إن المراكز الثقافية المشبوهة للاحتلال الفرنسي والتي هي أخطر من القواعد العسكرية، إنما هي قواعد للغزو الثقافي، تمارس تدميرا للأخلاق والقيم على حد تعبيره. وتابع الجوادي في السياق نفسه قائلا: "يدعون للزواج المثلي ويريدون ان يصنعوا قدوات سيئة في بلادنا".
لكن هناك من تعامل بدقة اكثر مع المسألة مثل المؤرخ الجامعي عدنان منصر، الذي تحدث عن الوضعية القانونية الصرفة للحضور الفرنسي وصيغة الاحتلال في تلك الفترة، وأشار متسائلا في تدوينة على صفحته الرسمية على فيسبوك، إذا ما كان صاحب الطلب قد جهز نفسه بطريقة تجعله يواجه ملاحظات فرنسا بنجاعة.
وانتقد المؤرخ طريقة طرح المسألة في إطار من السجال السياسي، وقال "إنها تتطلب تناولا جديا ووعيا أخلاقيا بقداسته".
وعبّر المؤرخ الجامعي عدنان منصر في تدوينته أيضا على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، عن الخشية من أن تتحول قضية بمثل هذه القداسة إلى موضوع استثمار تكتيكي، وأن يؤدي سوء تناولها لوأدها للأبد.
المصدر: یورونیوز
LINK: https://www.ansarpress.com/english/18451
TAGS: